دأب العلماء منذ الحرب العالمية الثانية في إنتاج ما يقارب 75000 مادة كيميائية حتى وقتنا الحاضر, تتعايش معنا في منازلنا ولقد تم اختبار أقل من نصفها للوقوف على مدى سميتها المحتملة على الإنسان وخاصة الطفل المهيأ ليضع أياً منها في فمه0 لقد تداخلت الأسباب البيئية في أمراض تصيب شريحة كبيرة من الأطفال, وتراوح من الانطواء على الذات وتشتت الانتباه إلى السلوك العنيف0مما أطلق ناقوس الخطر بين أوساط الأهل والهيئات الاجتماعية والبيئية وسيلاً لم يسبق له مثيل من الأبحاث العلمية0 وكلما ازدادت المعرفة العلمية عن المواد الكيميائية ازداد اليقين بأن المرحلة المبكرة من الحياة هي الأكثر تاثراً0 فأجسام الأطفال ليست مهيأة لمواجهة هذا السيل من التعرض لخطر المواد الكيميائية0 والطفولة هي فترة النمو السريع والتطور الحرج للأعضاء0 ويستمر النمو المتعاظم للدماغ طوال السنة الثانية من العمر, وإذا حدث تشو في الجهاز العصبي فلا يمكن إصلاحه0 وآليات الدفاع الطبيعي لدى الأطفال لم تزل في مرحلة تطورها المبكر0 لقد تطورت أمراض الطفولة منذ زمن, منها الأوبة مثل الحمى القرمزية, والحصبة إلى حالات مزمنة ومعيقة مثل السرطان والربو والاعتلال العصبي والاضطرابات الهرمونية0 ورغم أن الاستعداد الوراثي يؤدي دوراً, فقد شبهه بعض العلماء بتلقيم بندقية مصوبة إلى الصحة, في حين أن البيئة الملوثة تضغط الزناد0 يصيب داء الربو نحو خمسة ملايين طفل أمريكي تقل أعمارهم عن 18 سنة, وهو السبب رقم واحد للتغيب عن المدرسة, متفوقاً حتى على الزكام0وللتعرف على ما يحدث لدى الطفل نجد أن الممرات الهوائية لدى الطفل هي أضيق لدى الأطفال, لذلك فان كمية صغيرة من الملوثات يمكن أن تضيقها كثيراً, مما يسبب مشاكل خطيرة للطفل قد تكون بالنسبة إلى البالغين مجرد تهيج خفيف0 وتتنوع المثيرات إلى حد كبير, من دخان السجائر والعفونة والفطريات إلى غازات تطلقها مواد فينيلية0 والأطفال عرضة بنوع خاص لتأثيرات الملوثات الهوائية, التي يمكن في المدى القريب إن تسبب التهاباً في مجرى التنفس والرئتين, وفي المدى البعيد تضعف عمل الرئتين والقدرة على ممارسة الرياضة, مما يؤدي إلى ازدياد إصابات أمراض الرئة بما فيها السرطان0ونجد إن النشاط الخليوي (الأيض) أكبر لدى الأطفال, فهم يستنشقون أكبر كمية من الأكسجين عن البالغين وبالتالي يتنفسون أسرع ويستنشقون مزيداً من الملوثات لكل كيلوغرام من وزنهم, وتستمر الرئتان في النمو حتى العشرين من العمر فيمكن إن يثبط نموهما بالتعرض المتكرر للملوثات0 وبعد هذا الاستعراض البسيط عن مخاطر المواد الكيميائية التي يروح ضحيتها الأطفال فهل تحتاج المرآة إلى الثقافة البيئية التي من خلالها تستطيع أن تجنب طفلها مخاطر هذه المواد سؤال يحتاج إلى ألف اجابة0
وقفة
الأطفال الصغار هم الإنسانية وحدها, فكل أب هو أبو هذه الإنسانية كلها, ولن يطيق من كان له طفل أن يرى صغيراً ضائعاً أو طفلا جائعاً أو يتيماً قد ثكل أهله وضاق بقسوة أوليائه فانطرح في ناحية يبكي ويتفجع ويسأل من يعرفون الموت:
